الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال **
عبادته رضي الله عنه 35691- {مسند الصديق} عن أبي بكر بن حفص قال: بلغني أن أبا بكر كان يصوم الصيف ويفطر الشتاء. (حم في الزهد). 35692- عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقوم في الصلاة كأنه عود وكان أبو بكر يفعل ذلك. قال مجاهد: هو الخشوع في الصلاة. (ابن سعد، ش). ورعه رضي الله عنه 35693- {مسند الصديق} عن محمد بن سيرين قال: لم أعلم أحدا استقاء من طعام أكله غير أبي بكر، فإنه أتى بطعام فأكله ثم قيل له: جاء به ابن النعيمان قال: فأطعمتموني كهانة ابن النعيمان ثم استقاء. (حم في الزهد). 35694- عن زيد بن أسلم أن أبا بكر شرب لبنا من الصدقة ولم يعلم، ثم أخبر به فتقيأه. (أبو نعيم). 35695- عن زيد بن أرقم قال: كان لأبي بكر مملوك يغل (يغل: يقال: فلان يغل على عياله - بالضم أي: يأتهم بالغلة واستغل عبده: كلفه أن يغل عليه. المختار 377. ب) عليه، فأتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة، فقال له المملوك: ما لك كنت تسألني كل ليلة ولم تسألني الليلة؟ قال: حملني على ذلك الجوع من أين جئت بهذا؟ قال: مررت بقوم في الجاهلية فرقيت (فرقيته: رقيته أرقيه رقيا من باب رمى: عوذته بالله والاسم الرقيا. المصباح المنير 1/322. وإذا أردت الاطلاع على موضوع الرقية تفصيليا فارجع إلى كتاب النهاية عند كلمة (رقى). ب) لهم فوعدوني، فلما أن كان اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني، قال: أف لك! كدت أن تهلكني، فأدخل بيده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت لا تخرج، فقيل له، إن هذه لا تخرج إلا بالماء فدعا بعس (بعس: العس - بالضم - القدح الكبير. المصباح المنير 2/560) من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها، فقيل له: يرحمك الله! كل هذا من أجل هذه اللقمة! قال: لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة. (الحسن بن سفيان، حل والدينوري في المجالسة). 35696- عن زيد بن أرقم قال: كنت عند أبي بكر فأتاه غلام فأتاه بطعام فأهوى بيده إلى لقمة فأكلها، ثم سأله من أين اكتسبه؟ قال: كنت قينا لقوم في الجاهلية فوعدوني فأطعموني هذا اليوم، فقال: ما أراك إلا أطعمتني ما حرم الله ورسوله ثم أدخل أصبعه فتقيأ ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما لحم نبت من حرام فالنار أولى به. (هب) (الحديث في صحيح البخاري بمعناه كتاب باب أيام الجاهلية (5/54). ص). 35697- عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن نعيمان وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذا هيئة وضيئة فأتاه قوم فقالوا: عندك في المرأة لا تعلق شيء؟ قال: نعم، قالوا: ما هو؟ فقال: يا أيها الرحم العقوق، صه لداها وفوق، وتحرم من العروق، يا ليتها في الرحم العقوق، لعلها تعلق أو تفيق، فأهدى له غنما، فجاء ببعضه إلى أبي بكر فأكل منه، فلما أن فرغ قام أبو بكر فاستقاء ثم قال: يأتينا أحدكم بالشيء لا يخبرنا من أين هو؟ (البغوي، قال ابن كثير: إسناده جيد حسن). خوفه رضي الله عنه 35698- {مسند الصديق} عن الحسن قال: أبصر أبو بكر طائرا على شجرة فقال: طوبى لك يا طائر! تأكل الثمر وتقع على الشجر، لوددت أني ثمرة ينقرها الطائر. (ابن المبارك، هب). 35699- عن الضحاك قال، رأى أبو بكر الصديق طيرا واقفا على شجرة فقال: طوبى لك يا طير! والله لوددت أني كنت مثلك تقع على الشجر وتأكل من الثمر ثم تطير وليس عليك حساب ولا عذاب، والله! لوددت أني كنت شجرة في جانب الطريق مر علي جمل فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ثم ازدردني ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا. (ش وهناد، هب). 35700- عن أبي بكر الصديق قال: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن. (حم في الزهد). 35701- عن معاذ بن جبل قال: دخل أبو بكر حائطا وإذا بدبسي (بدبسي: الدبسي: طائر صغير. النهاية 2/99. ب) في ظل شجرة فتنفس الصعداء ثم قال: طوبى لك يا طير! تأكل من الشجر وتستظل بالشجر وتصير إلى غير حساب، يا ليت أبا بكر مثلك. (أبو أحمد، الحاكم). 35702- عن قتادة قال: بلغني أن أبا بكر قال: وددت أني خضرة تأكلني الدواب. (ابن سعد). 35703- عن الضحاك بن مزاحم قال قال أبو بكر الصديق ونظر إلى عصفور: طوبى لك يا عصفور؟ تأكل من الثمار وتطير في الأشجار، لا حساب عليك ولا عذاب، والله! لوددت أني كبش يسمنني أهلي، فإذا كنت أعظم ما كنت وأسمنه يذبحوني فيجعلوني بعضي شواء وبعضي قديدا، ثم أكلوني ثم ألقوني عذرة في الحش (الحش: الحش - بفتح الحاء وضمها -: البستان وهو أيضا المخرج، لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين؛ والجمع حشوش. المختار 104. ب) وأني لم أكن خلقت بشرا. (ابن فتحويه في الوجل). تتمة فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه شمائله وأخلاقه رضي الله عنه 35704- {مسند الصديق} عن الأصمعي قال: كان أبو بكر إذا مدح قال: اللهم! أنت أعلم مني بنفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم! اجعلني خيرا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون. (العسكري في المواعظ، كر). 35705- عن يزيد بن الأصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: أنا أكبر أو أنت؟ قال: أنت أكبر وأكرم وأنا أسن منك. (حم في تاريخه وخليفة بن خياط، كر، قال ابن كثير: مرسل غريب جدا). 35706- عن أنيسة قالت: كن جواري الحي يأتين بغنمهن إلى أبي بكر الصديق فيقول لهن: أتحبون أن أحلب لكن حلب ابن عفراء. (ابن سعد). 35707- عن أسلم قال: اشتراني عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة وهي السنة التي قدم بالأشعث بن قيس فيها أسيرا فأنا أنظر إليه في الحديد يكلم أبا بكر الصديق وأبو بكر يقول له: فعلت وفعلت! حتى إذا كان آخر ذلك اسمع الأشعث بن قيس يقول: يا خليفة رسول الله! استبقني لحربك وزوجني بأختك، ففعل أبو بكر فمن عليه وزوجه أخته أم فروة. (ابن سعد). 35708- قال ابن الأعرابي: روي أن أعرابيا جاء إلى أبي بكر فقال: أنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، قال: فما أنت؟ قال: أنا الخالفة بعده - أي القاعدة بعده. (كر). وفاته رضي الله عنه 35709- {مسند الصديق} عن عائشة أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر يقضي: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه* ثمال اليتامى عصمة للأرامل فقال أبو بكر: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ش، حم وابن سعد). 35710- عن عائشة قالت: لما حضرت أبا بكر الوفاة قلت: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه* ثمال اليتامى عصمة للأرامل قال أبو بكر: بل جاءت سكرة الحق بالموت ذلك ما كنت منه تحيد - قدم (الحق) وأخر (الموت). (ابن سعد وأبو عبيد في فضائل القرآن وابن منذر، وذكر أن هذه قراءة لها حكم الرفع لأنها لا تكون بالرأي). 35711- عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: دخلت على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فسلمت عليه، فقال: رأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية وستتخذون ستور الحرير ونضائد الديباج وتألمون ضجائع الصوف الأزري كأن أحدكم على حسك السعدان، فوالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا. (طب، حل، وله حكم الرفع لأنه من الاخبار عما - يأتي). 35712- عن عائشة قالت: إن أبا بكر لما حضرته الوفاة قال: أي يوم هذا؟ قالوا، يوم الاثنين، قال: فإن مت في ليلتي فلا تنتظروا بي الغد فإن أحب الأيام والليالي إلي أقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (حم). 35713- عن عبادة بن نسي قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة قال: لعائشة: اغسلي ثوبي هذين وكفنيني بهما، فإنما أبوك أحد رجلين: إما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوء السلب. (حم في الزهد). 35714- عن أبي السفر قال: دخل على أبي بكر ناس يعودونه في مرضه فقالوا: يا خليفة رسول الله! ألا ندعو لك طبيبا ينظر إليك؟ قال: قد نظر إلي، قالوا: فماذا قال لك؟ قال: قال: إني فعال لما أريد. (ابن سعد، ش، حم في الزهد، حل وهناد). 35715- عن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت على أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه فقال: جعلت لكم عهدا من بعدي واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية وستتخذون بيوتكم بستور الحرير ونضائد الديباج وتألمون ضجائع الصوف الأزري كأن أحدكم فيضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا. (عق، طب، حل). 35716- عن قتادة والحسن وأبي قلابة أن أبا بكر أوصى بالخمس من ماله، وقال: ألا أرضى من مالي بما رضي الله به لنفسه من غنائم المسلمين! ثم تلا (عب وابن سعد، ش، ق). 35717- عن عبد الرحمن بن سابط وزبيد بن الحارث ومجاهد قالوا: لما حضر أبا بكر الموت دعا عمر فقال له: اتق الله يا عمر! واعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل وعملا بالليل لا يقبله بالنهار وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم وحق لميزان يوضع فيه الحق غد أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غدا أن يكون خفيفا: وإن الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن لا ألحق بهم، وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأخاف أن أكون مع هؤلاء وذكر آية الرحمة وآية العذاب فيكون العبد راغبا راهبا ولا يتمنى على الله غير الحق ولا يقنط من رحمته ولا يلقي بيديه إلى الهلكة. فإن أنت حفظت وصيتي فلا يك غائب أحب إليك من الموت وهو آتيك، وإن أنت ضيعت وصيتي فلا يك غائب أبغض إليك من الموت ولست بمعجزه. (ابن المبارك، ش وهناد وابن جرير، حل). 35718- عن عائشة قالت: لما حضر أبو بكر قلت: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى* إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (حشرجت: الحشرجة: الغرغرة عند الموت وتردد النفس. النهاية 1/389. ب) فقال أبو بكر: لا تقولي هكذا يا بنية ولكن قولي (حم في الزهد وابن سعد وأبو العباس ابن محمد بن عبد الرحمن الدغولي في معجم الصحابة، ق). 35719- عن عبد الله بن شداد وابن أبي مليكة وغيرهما أن أبا بكر حين حضرته الوفاة أوصى أسماء ابنة عميس أن تغسله وكانت صائمة فعزم عليها: لتفطرن! فإنه أقوى لك. (ابن سعد، ش والمروزي في الجنائز). 35720- عن عائشة قالت: قال أبو بكر في مرضه الذي مات فيه: انظروا ما زاد في مالي منذ دخلت في الخلافة فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي، فلما مات نظرنا فإذا عبد نوبي يحمل صبيانه وناضح كان يستقي عليه! فبعثنا بهما إلى عمر فقال: رحمة الله على أبي بكر! لقد أتعب من بعده تعبا شديدا. (ابن سعد، ش وأبو عوانة: ق). 35721- عن عائشة قالت: لما ثقل أبي دخل عليه فلان وفلان فقالوا: يا خليفة رسول الله! ماذا تقول لربك غدا إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطاب! فقال: أبالله ترهبوني أقول: استخلفت عليهم خيرهم. (ابن سعد، ق). 35722- عن يوسف بن محمد قال: بلغني أن أبا بكر الصديق أوصى في مرضه فقال لعثمان: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند آخر عهده بالدنيا خارجا منها وأول عهده بالآخرة داخلا فيها حين يصدق الكاذب ويؤدي الخائن ويؤمن الكافر إني استخلفت بعدي عمر بن الخطاب، فإن عدل فذلك ظني به ورجائي فيه، وإن بدل وجار فلا أعلم الغيب، ولكل امرئ ما اكتسب (ق). 35723- عن عائشة قالت: لما اشتد مرض أبي بكر بكيت وأغمى عليه فقلت: من لا يزال دمعه مقنعا* فإنه من دفعه مدفوف فأفاق فقال: ليس كما قلت يا بنية ولكن (ع وأبو نعيم والدغلولي، ق وروى مالك قصة التكفين). 35724- عن عطاء قال: أوصى أبو بكر أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، فإن لم تستطع استعانت بعبد الرحمن بن أبي بكر. (ابن سعد والمروزي في الجنائز). 35725- عن عروة والقاسم بن محمد قالا: أوصى أبو بكر عائشة أن يدفن إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما توفي حفر له وجعل رأسه عند كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وألصق اللحد بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبر هناك. (ابن سعد). 35726- عن ابن شهاب أن أبا بكر والحارث بن كلدة كانا يأكلان خزيرة أهديت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إن فيها لسم سنة! وأنا وأنت نموت في يوم واحد! قال: فرفع يده، فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة. (ابن سعد وابن السني وأبو نعيم معا في الطب؛ قال ابن كثير: إسناده صحيح إلى الزهري، قال ومرسلاته في مثل هذا غاية). 35727- عن ابن عمر قال: كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كمد فما زال جسمه يحري (يحري: أي ينقص. يقال: حرى الشيء يحري إذا نقص. النهاية 1/375. ب) حتى مات. (سيف بن عمر). 35728- عن زياد بن حنظلة قال: كان سبب موت أبي بكر الكمد (الكمد: الحزن المكتوم. المختار 457. ب) على رسول الله صلى الله عليه وسلم. (سيف). 35729- عن أبي الطاهر محمد بن موسى بن محمد بن عطاء المقدسي عن عبد الجليل المري عن حبة العرني عن علي بن أبي طالب أن أبا بكر أوصي إليه أن يغسله بالكف الذي غسل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حملوه على السرير استأذنوا، قال علي: فقلت: يا رسول الله! هذا أبو بكر يستأذن! فرأيت الباب قد فتح وسمعت قائلا يقول: أدخلوا الحبيب إلى حبيبه، فإن الحبيب إلى حبيبه مشتاق. (كر وقال: منكر، وأبو طاهر كذاب وعبد الجليل مجهول عن يزيد الرقاشي). 35730- عن سعيد بن المسيب قال: لما احتضر أبو بكر الصديق حضره ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا خليفة رسول الله! زودنا فإنا نراك لما بك، قال: كلمات من قالهن حين يمسي ويصبح جعل الله روحه في الأفق المبين! قالوا: وما الأفق المبين؟ قال: قاع تحت العرش فيه رياض وأشجار وأنهار يغشاه كل يوم ألف رحمة - أو قال: مائة رحمة - فمن مات على ذلك القول جعل الله روحه في ذلك المكان: اللهم! إنك ابتدأت الخلق بلا حاجة بك إليهم فجعلتهم فريقين: فريقا للنعيم وفريقا للسعير، فاجعلني للنعيم ولا تجعلني للسعير؛ اللهم! إنك خلقت الخلق فرقا وميزتهم قبل أن تخلقهم فجعلت منهم شقيا وسعيدا وغويا ورشيدا، فلا تشقيني بمعاصيك؛ اللهم! إنك علمت ما تكسب كل نفس قبل أن تخلقها فلا محيص لها مما علمت، فاجعلني ممن تستعمله بطاعتك؛ اللهم! إن أحدا لا يشاء حتى تشاء، فاجعل مشيئتك لي أن أشاء ما يقربني إليك، اللهم! إنك قدرت حركات العباد فلا يتحرك شيء إلا بإذنك، فاجعل حركاتي في تقواك، اللهم! إنك خلقت الخير والشر وجعلت لكل واحد منهما عاملا يعمل به، فاجعلني من خير القسمين؛ اللهم! إنك خلقت الجنة والنار وجعلت لكل واحد منهما أهلا، فاجعلني من سكان جنتك، اللهم! إنك أردت بقوم الهدى وشرحت صدورهم وأردت بقوم الضلالة وضيقت صدورهم، فاشرح صدري للإيمان وزينه في قلبي؛ اللهم! إنك دبرت الأمور فجعلت مصيرها إليك، فأحيني بعد الموت حياة طيبة وقربني إليك زلفى، اللهم، من أصبح وأمسى ثقته ورجاؤه غيرك فأنت ثقتي ورجائي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. قال أبو بكر: هذا كله في كتاب الله عز وجل. (ابن أبي الدنيا في الدعاء). 35731- عن ابن عمر قال: لقد حضرت دفن أبي بكر فنزل في حفرته عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن ابن أبي بكر، قال ابن عمر: فأردت أن أنزل فقال عمر: كفيت. (ابن سعد). 35732- عن أبي بكر بن حفص بن عمر قال: جاءت عائشة إلى أبي بكر وهو يعالج ما يعالج الميت ونفسه في صدره فتمثلت هذا البيت: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى* إذ حشرجت يوما وضاق بها الصدر فنظر إليها كالغضبان ثم قال: ليس كذلك يا أم المؤمنين؟ ولكن (ابن سعد). 35733- {مسند حويطب بن عبد العزى} عن عبد الرحمن ابن أبي سفيان بن حويطب عن أبيه عن جده قال: قدمت من عمرتي فقال لي أهلي: أعلمت أن أبا بكر بالموت؟ فأتيته في ثياب سفري فأجده لما به، فقلت: السلام عليك! فقال: وعليك السلام - وعيناه تذرفان، فقلت: يا خليفة رسول الله! كنت أول من أسلم، وثاني اثنين في الغار، وصدقت هجرتك، وحسنت نصرتك، ووليت المسلمين فأحسنت صحبتهم واستعملت خيرهم، قال: وحسن ما فعلت (قلت: نعم، قال: فأنا لله والله أشكر له وأعلم ولا يمنعني ذلك من أن أستغفر الله، فما خرجت حتى مات). (كر وقال: هذا الحديث شبيه بالمسند، قال وإنما أخرجته لأني أعلم له حديثا مسندا سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن معين: لا أحفظ عن حويطب بن عبد العزى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا). 35734- عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما توفي أبو بكر سجوه ثوبا وارتجت المدينة بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء علي بن أبي طالب مسرعا باكيا مسترجعا وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة - حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر ثم قال: رحمك الله أبا بكر! كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا وأكثرهم يقينا وأعظمهم غنى وأحدبهم على الإسلام وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنهم على أصحابه وأحسنهم صحبة وأعظمهم مناقب وأكثرهم سوابق وأرفعهم درجة وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشبههم به هديا وسمتا وخلقا ودلا وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه وأوثقهم عنده، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا! صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس فسماك رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقا، قال الله تعالى (جاء بالصدق) يعني محمدا (وصدق به) يعني أبا بكر وآسيته حين بخلوا، وكنت معه حين قعدوا، صحبته في الشدة أكرم صحبة، ثاني اثنين في الغار والمنزل، رفيقه في الهجرة ومواطن الكرة، خلفته في أمته بأحسن الخلافة حين ارتد الناس، وقمت بدين الله قياما لم يقمه خليفة نبي قبلك، قويته حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت خليفته حقا لم تنازع برغم المنافقين وطعن الحاسدين وكره الفاسقين وغيظ الكافرين، فقمت بالأمر حين فشلوا، ومضيت بنور الله حين وقفوا، واتبعوك فهدوا. كنت أخفضهم صوتا وأعلاهم خوفا وأقلهم كلاما وأصوبهم منطقا وأشدهم يقينا وأشجعهم قلبا وأحسنهم عقلا وأعرفهم بالأمور، كنت والله للدين يعسوبا أولا حين تفرق الناس عنه وآخرا حين فلوا. كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقالا عنها ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ خنعوا (خنعوا: الخانع: الذليل الخاضع. النهاية 2/84. ب)، وصبرت إذ جزعوا، فأدركت أوتار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا. كنت على الكافرين عذابا صبا، وللمؤمنين غيثا وخصبا، ذهبت بفضائلها، وأحرزت سوابقها، لم تفلل حجتك ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخن، كنت كالجبل لا تحركه العواصف، ولا تزيله الرواجف، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الناس في صحبتك وذات يدك، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك عظيما عند الله، كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين، ثم لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز ولا لأحد عندك هوادة، والذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ الحق، والقوي العزيز عندك ضعيف حتى تأخذ منه الحق، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء. شأنك الحق والصدق، وقولك حكم وحتم، وأمرك غنم وعزم، ثبت الإسلام وسبقت والله سبقا بعيدا، واتعبت من بعدك تعبا شديدا، وفزت بالخير فوزا مبينا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، والله لا يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثلك، كنت للدين عزا وكهفا، وللمسلمين حصنا، وأنسا، وعلى المنافقين غلظة وغيظا وكظما، فألحقك الله بنبيك صلى الله عليه وسلم ولا حرمنا أجرك ولا أضلنا بعدك وإنا لله وإنا إليه راجعون. (ه في التفسير والشاشي وأبو زكريا في طبقات أهل الموصل، وأبو الحسن علي بن أحمد بن إسحاق البغدادي في فضائل أبي بكر وعمر، والمحاملي في أماليه، وابن منده، وأبو نعيم في المعرفة واللالكائي في السنة؛ خط في المتفق، كر وابن النجار، ض).
|